تـجلس فريدة أمام حوض الزرع فى منتصف الساحة الرخامية , تحاول جاهدة أن
تزرع الورود التى أعدتها لتغرسها فى هذا المكان الطيب , ورود مميزة
اختارتها بعناية , لم تعرف ما أسمائها , لقد قرأت من قبل أن الورود تحمل
أسماء وربما معانى تميز كل نوع , لكنها لم تهتم .
لم تهتم سوى بأنها تحمل معانى مميزة طيبة من نفسها البريئة الى تلك البقعة الطيبة من الأرض .
بينما تحاول او تغرس الورود والريحانات فى الأرض بدقة لمست فى نفسها سعادة تَنبُت داخلها فقط بوجودها فى هذا المكان .
فشردت بعيداً فيه وفى تفاصيله التى تحاول جاهدة نسيانها .
أتت هذا المكان لغاية ما , حتى ظهر بسحره فى حياتها فصار هو الغاية والسبب ,
غاية أسرها القلب يأساً من أن يُصَرح يوماً بما يكتم , فكيف وهو المعلم والحبيب والأزهرى . !
_________________________
خطواته سريعة الوقع , يبدو متأخراً , يعاتب نفسه بضيق على تأخيره الغير متعمد .
كم يكره أن يتأخر عن موعده .
يتجاوز الرواق الرخامى الضيق , الى الساحة شارداً فى دوامة عتابه لنفسه فلا يراها , حتى ينساب الى مسمعه صوت دندنتها بصوت هادئ .
( بكفك تزهر الأشياء إذا أسقيتها تحيا ..........)
لم يقاوم تلقائية التاته الى مصدر صوتها الرقيق , فيراها تجلس قرب الأرض
أمام حوض الزرع فى منتصف الساحة , بحجابها الفيروزى وتنورتها البيضاء ,تمتج
يديها لتلامس أحد الزهور البيضاء الصغيرة , تنعكس الشمس على بشرتها
فتزيدها جمالاً وشفافية , يتوقف الزمن للحظات يغلق فيها عينيه بقوة , وكأنه
يحبس تفاصيل صورتها داخل عينيه , ثم يمضى هامساً لنفسه _ كم تبدو نقية
تلك الفريدة _ !
__________________________
انتبهت فريدة الى وقع أقدامه خلفها , فتوقفت عن غنائها وانتفضت معتدلة ,
رأته يعبر الساحة الى قاعة الدرس , بالغت فى عتاب نفسها بخجل لو أنها
انتبهت لوجوده لما تعرضت للحرج .
دائماً ما ترتبك فى وجوده , ويزداد
ارتباكها اذا تلاقت أعينهما صدفة أضطرت خلال الدرس أن تتحدث إليه , على كل
حال هى تتجنب التواصل معه قدر الإمكان .
تشعر أنه إذا إذا اقترب منه
سيخترقها و يري دقات قلبها المتسارع فى نبضه , أو أنه يستطيع أن أن يقرأ
بوضوح ما تخبئه خلف جفونها من مشاعر خجولة مرتبكة وتأبى عينيها ألا أن
تفضحانها, لذلك هى دائما ما تخاف حضوره الذى يأسرها . !
لكنها على أى
حال , وضعت يديها موضع القلب , وقرأت بصوت هامس ( ربنا لا تزغ قلوبنا)
وحاولت أن تستجمع قوتها , ثم مضت فى إتجاه قاعة المحاضرات وهى تحدث نفسها
بابتسامة بريئة _ أكاد أَكره كم يبدو أبياً مُشرقاً .!